لقد سمع الكثيرون عن هذا الاسم في الأسابيع الأخيرة، وخاصة بعد إقرار السويد لها كسياسة متبعة لمواجهة ڤيروس كورونا كوڤيد ١٩. والفكرة بإختصار هو عندما يتعرض أغلبية الشعب للڤيروس سيصبح بالتالي لديهم مناعة ذاتية ضد الڤيروس، ولن يتمكن الڤيروس في المستقبل الانتشار بسهولة داخل المجتمع وبالتالي سهولة السيطرة عليه.
ولكن يبدو لي إن هذه السياسة كانت متبعة من قبل الحكومة الكوردية في أقليم كوردستان مع الشعب الكوردي. سياسة نجحت فيها الحكومة وأيما نجاح. لقد استطاعوا بالفعل الوصول الى مناعة القطيع، فقد استطاعوا وبسياستهم الحكيمة أن يجعلوا النسبة العظمى من الشعب والمعارضة شريكاً في الفساد والخيانة، حتى اصبح المجتمع حاضناً لهذا المرض. ووصلنا لمناعة القطيع منذ عقد من الزمن، واصبح هذا الامر ذا نفع كبير في بقائهم على كرسي السلطة وبالتالي الاستمرار في السرقة والخيانة. حتى وصل الحال الى ما نحن عليه الان.
لقد كنت اتسائل مع نفسي دائماً ما الذي يجعل هذا الشعب يتحمل هؤلاء السياسيين الفاسدين المنتشرين كالخلايا السرطانية في الجسد الكوردستاني. ويبدو إن اللغز كان في أنهم استطاعوا نشر هذا المرض في جسد غالبية الشعب، حتى اصبحوا جزءاً من اللعبة وجزءاً من الفساد، وبذلك اكتسبوا المناعة ضد حدوث اية ثورة عليهم في المستقبل رغم كل ما يفعلونه من ظلم وسرقات وخيانة.
أما البقية الباقية القليلة من المعارضة الشريفة، فها هم يعملون فرادا و منقسمون جسدياً و فكرياً. وهذه مناعة أخرى اكتسبتها السلطة في إعطاء بعض المعارضين الذين تربوا على أيديهم المجال للظهور والتحدث والوصول لاعلى المراتب، لانهم لا يختلفون كثيرا عنهم ولا يمكنهم فعل شيء غير الصراخ وسرد الاحاديث والقصص، وبالتالي الاستفادة منهم في بقاء المعارضة مفتتة ومنقسمة ومشكوك في أمرها من قبل الشعب وإظهار الحكومة بمظهر ديمقراطي وإيصال فكرة عدم أهلية المعارضة لتولي السلطة؛ وقد نجحوا في ذلك دائماً.
لذا فقد حان الوقت كي يتجمع المعارضة السياسية في الداخل والخارج حول اشخاص كفوئين، لم يكونوا اعضاءاً نشطين في الحزبين السياسيين الديمقراطي والاتحاد ولم يتربوا على أيديهم ولم تتلطخ أيديهم بدم ومال الشعب. فكل من كان عضوا في حزب من هذين الحزبين أيام الحرب الأخوية ومابعدها ولم يستقيل حينها واستمر في هذه التنظيمات، فهو معارض لا يمكن أن يكون بديلاً حقيقياً لهؤلاء وسيكون سببا في شرذمة المعارضة وإطالة حياة السلطة. لأن العقلية هي نفسها وإن عارض، والشواهد كثيرة على هذا في العقد الأخير. نحن بحاجةٍ الى معارضة وطنية قومية حقيقية ونظيفة، معارضة تمثل جميع مدن كوردستان الجنوبية، لا تنشغل بالثأر والانتقام بل بالتغيير الحقيقي. لا تنشغل بالكلام الإعلامي والخطابات الطويلة والأرقام بل تقدم الحل السياسي والاقتصادي والاجتماعي. لا تنشغل بأضاعة الوقت في جدالات تافهة بل تحاول استغلال كل دقيقة لكسب الشارع الكوردي. لا تحاول إضافة صنمٍ جديد الى الطقم الموجود، بل محاولة كسر ما هو موجود. حينها سيخاف منك الفاسدون وسيساعدك الشارع وستبدأ التغيير الحقيقي. لانه ليس كل من صرخ بوجه السلطة فهو معارضٌ يؤتمن جانبه. وليس كل معارض، سياسي يعتمد عليه. وليس كل سياسي يعرف كيف يتعامل مع هؤلاء أو يستطيع أن يكون بديلاً حقيقياً للسلطة. ولا تصدق بأن خمسة الاف أو عشرة الاف أو حتى عشرين الف متابع عى صفحات التواصل الاجتماعي سيغيرون السلطة بدون وجود معارضة موحدة منظمة تحترم الكورد وكوردستان قوميةً ولغةً وأرضاً وتأريخاً، ولا تتنازل عن هذه المقدسات مهما كانت الأسباب ومهما كانت النتائج.
- سياسي کوردي- نرويجي.
- (المقالات تعبر عن رأي الکتاب ولاتعبر عن رأي موقع أو جريدة روز ارتيکل)