ليست المرة الأولى التي تَحتَضِرُ فيها كوردستان، ولكنها كانت تخرج منها وهي في اسوء حالاتها. وفي كل مرة كانت تفقد شيئاً من هيبتها وقيمتها. ولكن هذه المرة فقدت كل شيء ولم يبقى فيها إلا الأرض والاسم، وإذا لم تظهر معجزة ما ستفقد ما تبقى. الوضع مُزري الى حدٍ لا يمكن التحدث عنه او التكهن بما ستؤول اليه الاحداث او ما ستكون عليها الأيام القادمة. فدائماً ما كانت المشكلة الكبرى امام هذه الأرض هم المحتلون ومن يساندهم من دول العالم والخونة من الداخل. ولكن كان هناك دوماً بصيص أمل في هذا الشعب الذي كان معجزة عصره. فالمخلصون والوطنيون والقوميون كانوا يغيرون المعادلة دائماً وكانوا يعطون الأمل في غد افضل. ولكن اليوم تغييرت المعادلة، فلقد خسرت كوردستان ما تبقى لها من هذا الشعب، ولم يبقى احد يهتم بكوردستان او ارضه، ولم يبقى من يهمه الوطنية والقومية؛ فلقد تحول هذا الشعب الى كتلة من الشر سواء اكانوا سياسيون ام أساتذة او عمال او پيشمرگة… مثقفون او أميون. فمن يتابع الوضع على ارض الواقع وفي الاعلام وعلى صفحات التواصل يجد ما لا يحب ان يراه احد.
فالواقع مأساوي وأصبح الجميع أعداءاً ولا تسمع غير الصراخ والوعيد والسب والقذف، السياسي مع السياسي والمعارض ضد المعارض والمعلم ضد الطالب والمثقفون ضد بعضهم البعض والعائلة الواحدة تشتت والكل اصبح لا يهمه إلا نفسه. فلا تقرأ او تسمع سوى الاتهامات والمؤامرات. فلم يبقى شيء مقدس في هذا البلد لا الأرض ولا العَلَمُ ولا القومية، فجميعها معروض للبيع في المزاد العلني. لقد أصبحت كوردستان مثل العاهرة التي يخجل و يتبرأ منها الجميع، وفي نفس الوقت يتسابق عليها الجميع للتمتع بها والتلذذ بخيراتها خلسةً. السياسيون فاسدون حد النخاع، والمعارضون يلعبون على جميع الحبال من أجل الحصول على حصةٍ من الكعكة، فمن كان في السلطة البارحة تجده معارضاً للحصول على المزيد، ومن كان في المعارضة اصبح في السلطة للحصول على المال والسلطة. المبادئ ليست موجودة، وإذا وجدت كانت نقمة على صاحبه، فالجميع يبتعدون عنه كأنه مصاب بكورونا، ويهاجمه الجميع سواء اكانوا من السلطة او المعارضة. والشئ الوحيد الذي يشترك فيه الجميع هو الحقد والكراهية على بعضهم البعض، وعدم وجود شيء مقدس يجمعهم سواء اكانت الأرض او القومية، واهم ما يجمعهم هو انهم اصبحوا عبيداً للمصلحة الشخصية لا غير. وأسفاه عليك كوردستان… وأسفاه عليك يا حبيبتي.