في هذه الكلمات التي سوف نسردها في هذه المقالة نستعرض بعض الحقائق التي اوهمت العالم بان الولايات المتحدة هي الداينمو الحقيقي للعالم. ولكن ليس كل من لديه القوة هو الداينمو بل من لديه الحيلة والحنكة اللازمة لتحريك مجريات الاحداث. رأينا بان تركيا مارست سلطتها حين القت القبض على القس ولم تعطي أية اهمية لامريكا وقوتها. بل على العكس من كل هذا، ان تركيا مارست الضغوطات على امريكا وعلى سياسة امريكا الداخلية والخارجية. هذا من جهة ومن جهة اخرى نرى بان تركيا ضربت بعرض الحائط كل القوانين الدولية، فهاجمت دولة ذات سيادة واحتلت ارضها، علما بانها كانت تعتبر محمية لقوى كبرى وليست لقوة واحدة بل للتحالف الدولي. وبين الحين والاخر تهاجم دول اخرى عن طريق الطائرات وادخال قواتها الخفية (الميت) وقوات المشاة. مثل دخولها الأراضي العراقية وقبرص اليونانية وأعمالها التخريبية من خلال دعم الارهاب الدولي المتمثل بالدواعش والاخوان المسلمين المتطرفين وغيرها من العمليات والاحداث الدولية.
وعلى كل من يرى بان تركيا لم تنضج بعد على الساحة السياسية والاقتصادية والاقليمية فهو متوهم. لان ما نراه الان هو تغييرفي موازين القوة. رب سائل يسال كيف لتركيا ان تلعب هذا الدور العملاق وتلعب على كافة الجبهات. ان لم يكن من موقف قوة، فمن اي شيء يستلهم هذه الغطرسة و العنجهية؟ في السياسة الدولية الجديدة ليس من لديه القوة هو الذي يسيطر ويتحكم، بل في من لديه الحنكة والحيلة والتخطيط للمستقبل هو الذي يسيطر ويتحكم؛ كما قال احد الساسة: ليس كل من عمل في السياسة سياسي، وانما من يستطيع التخطيط وتغيير الأحداث والتحكم فيها هو السياسي الصحيح. صحيح ان امريكا لديها هذه القابلية اي تخطيط لابعد الحدود. ولكن تخطيط امريكا ليس فيها الحيل السياسية كما للاتراك الذين يعملون لنصرة خططهم. حتى وان تنازلوا عن شرفهم ومقداستهم كي ينالوا ما يصبون اليه، مثل العاهرات ويعتبرون الاتراك عواهر السياسة! كذلك وفي الاونة الاخيرة تمكنت مخابرات بعض الدول الكبرى والصغرى اختراق ملفات الكونغرس الامريكي وقد تمكنوا من تغيير الخطط والاجندات الامريكية.
هذا يدل على ان امريكا قد افتقرت الى الحنكة الدولية، كما يتضح بان ضغوطات امريكا للافراج عن القس لم تأتي بالنتيجة المرجوة، الا بعد ان اتفقت تركيا مع امريكا على بروتوكلات واجندات خاصة تم بموجبها الافراج. ومن خلال اتفاقات سرية بين امريكا وتركيا مثل (التخلي عن الكورد، والتخلي عن الاراضي التي تعتبر محميات امريكية الان وفي المستقبل. ولكن بعد ان تم الافراج ولم تحصل تركيا على مرادها من امريكا خططت من جديد للحصول على مبتغاها من خلال اغتيال الخاشقجي (سيناريو الاغتيال الذي أنتجته وأخرجته تركيا، بتمثيل ممثلين وكومبارسات من الساسة الساذجين من القنصلية السعودية). وبهذا ضغطت تركيا على امريكا من جديد خلال اكمال التحقيق في اغتيال الخاشقجي مقابل تنازل امريكا عن الحليف الاستراتيجي (قسد). ومن ثم الضغط على الولايات المتحدة للقبض على اساطير السياسة الكوردية، ووضعت مكافاة كبيرة للحصول على معلومات بشان قادة حزب العمال الكوردستاني (قريلان، كالكان، باياك). كما فعلها في حينها اجاويد بالاتفاق السري النفط والغاز لخداع المسلمين مقابل القبض على رئيس الحزب العمال الكوردستاني (عبدالله اوج الان) مقابل الدعم اللوجستي من الاخ الغير الشقيق للكورد (اسرائيل).
الا تعتبر هذه حكمة من تركيا وحيلة وتخطيط لغرض ضرب العمال الكوردستاني والحركة التحررية الكوردية في الأعماق. كذلك اتفاق وتخطيط الذئاب الرمادية التركية لانهاء الاحزاب الكوردية في جنوب كوردستان عن طريق زرع اصدقائهم واذيالهم في قمة القيادة والحكم لتحقيق اجنداتهم مثل تعيين الوزراء الكبار ذات السلطة في السياسة العراقية والكوردية. وسحب القوات الامريكية من غرب كوردستان ايضا هو من ضمن هذه الاتفاقات السرية بين الدولتين المذكورتين. وهذا اصبح جليا عندما نرى بان اردوغان قد اتفق مع مجنون امريكا ودكتاتور القرن بزيارة الاخير لتركيا. وهذا يشبه لحد ما ما حدث اواخر القرن الماضي عندما اثرت امريكا على السياسة الداخلية والخارجية لروسيا القيصرية (الاتحاد السوفيتي) وجرى ما جرى، فتمزقت روسيا ولحد الان يعانون من هذا التمزق. فيا ترى هل يكون مصير امريكا مثل مصير روسيا القيصرية على يد تركيا العثمانية. وتكون نهاية القوى العظمى! هنا يجب ان نكون حذرين امام هذا الخطر التركي المحيط بالعالم. لانهم بارعون في تغيير وجوههم وسياساتهم كما تغيير الفايروسات جلودها.
(المقالات تعبر عن رأي الکتاب ولا تعبر عن رأي صفحة او جريدة روزارتيکل)