أرقصي وغني يا حبيبتي

أما زلت صامدة بعد كل هذا الكره من العالم حولك؟ أما زلت معطاءة بعد كل هؤلاء الأعداء من حولك؟ أما زلت تغنين بهذا الصوت الجميل الذي يملأه الحب والأمل بعد كل ما عانيته من غدر الأبناء وخيانتهم لك؟ أما زلت تلك الأم الحنونة التي تعطي بعد كل ما أخذوه منك؟ أما زلت تضحكين وترقصين بعد كل هذا الدم الذي سال منك؟ أما زلت وأما زلت؟؟؟ لماذا لا تنتفضين؟ لماذا كل هذا السكوت؟ لماذا كل هذا الخنوع؟ على ابنائك؛ ايستحقون منك كل هذا الحب والعطف والسماح؟ وهم يمزقونك كل يوم آلاف المرات، ويرمونك لقمة للكلاب كي ينهشوا لحمك. هل يستحقون منك كل هذا الصبر؟ وهم يأكلون من خيراتك وهم يدعون ويهلهلون بالخير لمغتصبيكِ. هل يستحقون رأفتك وحنانك؟ وهم يضعون عذريتك كل يوم بين يدي أقذر مخلوقاته. هل يستحقون منك كل هذا الخير؟ وهم يخجلون من أن يقولوا أنهم أولادك. لم يَنُلْ أرض في الدنيا من أبنائه ومغتصبيه ما نلته أنت من أبنائك ومغتصبيك. إنهم يقسمونك ويبيعونك ويخونونك باسم الوطنية، يأكلون من خيراتك ويشربون مائك ويستنشقون هوائك وفي أول فرصةٍ يتبرأون منك.

لقد كنت مهداً للبشرية، ومهداً للحضارات، العالم بأسره مديون لترابك، وحتى الإله بعظمته وجبروته مديون لجبالك التي كانت منقذاً للبشرية من طوفانهِ. أنت الوحيدة بين العالم كله من تحملت جميع الأقوام ولم تفرق بينهم، واحتضنت جميع الأديان كأنهم ولدوا من رحمك؛ وفي اول فرصة يدنسون ترابك المقدس ويخونون حبك وحنانك وكرمك، وحتى حثالة الإله هؤلاء، لم يعرفوا قدرك وعظمتكِ، بعدما كان الدنيا بأسره يقتل ويعمل فيهم، انت الوحيدة التي فتحت ذراعيك لهم، وها هم اليوم يتبرأون منك ويخجلون أن يكونوا أولادك. أيكفيك كل هذا أم أزيدكِ يا قرةَ عيني يا حبيبتي ويا قديستي ويا آلهتي ويا خالقتيكفاكي كفاكي… أصرخي وقولي شيئاً ولا تقفي هكذا تشاهدينهم وهم يأخذون منا كل يوم ما تبقى من كورديتنا وحبنا لك. أُخرجي براكينك ونيرانك وأحرقيهم، زلزلي من تحت أرجلهم، هيجي أنهارك عليهم، هْبي بأعاصيركي وأكسريهم، لا تبقي من أولادك أحداً، أَفنيهم من الوجود، فهم لا يستحقون أن يحملوا إسمك، فأسمك أكبر من أن يخجلوا على حمله، وأقدس من أن يفسدوه بألسنتهم.

وبعدها لا تحزني وأرقصي رقصتك الجميلة، رقصتك التي ما زالت عالقة في أذهاننا ونحن أطفالٌ، وغني أغنياتك التي مازالت عالقة في أذاننا ونحن أطفال، وأعزفي ألحانك التي كنا ننام عليها ونصبح عليها. عندها لا تحزني وأرقصي عسى أن يبدلك القدر بأناس وأقوام أخرى يعرفون قيمتك ويقدرونك ويحبون سماءك وأرضك، ماءك وهوائك، تأريخك وحضارتك، لغتك وأسمك؛ يعطونك ولا يأخذون منك، يتصارعون ويتنافسون في خدمتك؛ فما لك وكل هؤلاء الحثالة من حولك، وهم يتصارعون ويتنافسون في أذيتك وإهانتك.. أرقصي وغني يا حبيبتي.

سياسي نرويجي و مدير تحرير النسخة الإلكترونية ل(روژأرتيكل)

Leave a Comment

پۆستی ئەلیکترۆنییەکەت بڵاوناکرێتەوە. خانە پێویستەکان دەستنیشانکراون بە *

Scroll to Top