بعد ان ينجو الجندي الطفل من معسكرات التدريب التابعة لتنظيم داعش الارهابي في سوريا والعراق (باية طريقة كانت)، حيث اغلبهم يتم تحريرهم من قبل مكتب انقاذ المختطفين في دهوك1. ويتم تسجيلهم في سجلات خاصة بالمكتب وتدون افاداتهم وتوثق قصصهم من يوم اختطافهم في 3 اغسطس 2014 لغاية يوم انقاذهم. ثم يتم تسليمهم الى اقربائهم حيث يعيشون سواء كانوا في المخيمات او في امكان اخرى.
ولايخفى على المتابعين لشأن النازحين بان وضع ومعيشة النازحين في المخيمات، ليست بالمستوى المطلوب، ولديهم الكثير من المشاكل المعيشية والعراقيل الحياتية، وحسب تقارير موثقة تنتشر العديد من الامراض وخاصة الجلدية منها بين الاطفال بسبب اهمال وعدم رفع واتلاف الفضلات والاوساخ المنتشرة في اغلب الاماكن. اغلب الطرق المؤدية الى المخيمات غير معبدة وبعضها ترابية وتالفة جدا وايضا الطرق الداخلية داخل اغلب المخيمات ترابية غير معبدة تسبب حالة من عدم الشعور بالأمان اضافة الى تراكم الاتربة والاوساخ على المأكولات وموجودات العوائل.
تنقطع الكهرباء لساعات عديدة، هناك المياه الصالحة للشرب ملوثة في بعض المخيمات وغير صالحة للشرب. وانتشرت العديد من حالات التسمم والاسهال بين الاطفال خاصة، وهناك شكاوي حول قلة المواد الغذائية، اما المدارس فهي لا تستوعب العدد الهائل للاطفال” التلاميذ” في المخيمات بالرغم من استمرار الدوام في اغلبها لثلاث وجبات في اليوم الواحد، مع قلة الكادر التدريسي فيها، الوضع المادي بشكل عام للعوائل ردئ جدا بسب النسبة العالية للبطالة2
انتشرت العديد من الحشرات المؤذية نتيجة قلة توفر المياه والاستحمام وابرزها القمل والذي سبب العديد من الامراض وخاصة للاطفال. بالاضافة لحالات مرضية أخرى كالجرب وانتشار القمل بشكل كبير جدا. مع قلة الكوادر الطبية او انعدامها وخاصة للحالات الطارئة والمراكز الصحية الموجودة في بعض منها تفتقر الى الادوية والاطباء.
في بعض المخيمات المرافق الصحية والحمامات قليلة ومشتركة بين العوائل مما يخلق بين الحين والاخر بعض المشاكل. في بعض المخيمات يسكن 9 افراد في الخيمة الواحدة، المكان لا يتسع لجلوسهم معا. علما هناك بعض الخيم لا تصلح للسكن اصلا. وفي بعض الكرفانات يوجد 8 اشخاص والمكان ضيق جدا. اذن فرحلة المعاناة تبدأ لدى الناجيات والناجين وخاصة الاطفال لمواجهة الضغوطات النفسية، والصحية، والاجتماعية، والاقتصادية بالإضافة إلى فقدان الهوية!
لاشك فيه بان وضع الاطفال في المخيمات يرثى له، صحيح انه من الناحية الاجتماعية والدينية ليس لديهم معوقات وتم احتضانهم من قبل العائلات والمجتمع الايزيدي بكل تقدير واحترام. ولكنهم بحاجة ماسة الى رعاية خاصة بهدف اعادة التاهيل واعادة دمجهم في المجتمع بعد الصدمات والويلات التي تعرضوا لها خلال فترة بقائهم لدى ارهابيي داعش.
فالاطفال الناجين، حالهم حال معظم الإيزيديين الناجين من الخطف، يعيشون في مخيمات تفتقر الى أبسط مقومات الحياة “كما اسلفنا بالحديث”، تحت ظروف معيشية قاسية، وإهمال كبير، وغياب الرعاية الصحية او الطبية وقلة العناية التأهيلية لإعادة ادماجهم في المجتمع.
لقد حذر خبراء في علم النفس من أن عدم تقديم الرعاية النفسية الكافية للناجين والناجيات من قبضة عصابات (داعش) الإجرامية سيؤدي إلى انتشار معدلات العنف والجريمة بينهم. كونهم يشعرون بجرح نفسي عميق نتيجة ما عايشوه من فقدان الشعور بالأمان الذي يحتاجه الإنسان في الحياة. واغلب الناجيات الآن يتعرضن لاضطرابات عصيبة ونفسية سيتحولن إلى مصادر للمشكلات ما لم ينجحن في تجاوز هذا التجربة بالشكل الصحيح. بإزالة كافة العناصر المضطربة من مخليتهن كصور القتل، والجرح، والعنف الجسدي، والاغتصاب والاعتداء النفسي والإكراه الجنسي، والمعاملة السيئة من الإهانات، الشتم، السبّ، والأسلمة الإجبارية وذلك من خلال برامج منتجة للمنظمات الإغاثية التى من المفروض ان تكثف من جهودها لتقديم الرعاية النفسية لهن وبالسرعة القصوى3
وجود العديد من المشاكل يعاني منها الأطفال الناجين من (داعش)، منها تتمثل في ذكريات الصراع المؤلمة التي عاشها الأطفال فيعانون من ازمات نفسية حادة جراء ما شاهدوه من دمار ودماء وقتل وذبح وتدريب عنيف فضلا عن ادلجة افكارهم، وغسل ادمغتهم فوجدوا أنفسهم، بين الضياع والحرب، بعد أن فقد البعض منهم ذويهم واصبحوا ايتام دون معيل. أطفال فى عُمر الزهور وجدوا مصير مُختلف تماماً بعيداً عن العالم الوردى والهادئ الذى يجب أن يكونوا فيه الآن.
[1] في شهر اوكتوبر من 2014 تم تاسيس مكتب انقاذ المختطفين الايزيديين من قبل المكتب الخاص للسيد نيجيرفان بارزاني بدعم معنوي ومادي ويشرف على المكتب السيد خيري بوزاني المدير العام لشؤون الايزيدية في حكومة كوردستان ويدير اعمال المكتب السيد حسين القائيدي وتتجلى مهمة المكتب في التواصل والتنسيق مع شبكة سرية من الوسطاء والعملاء لإنقاذ الايزيديين و الايزيديات البالغين والاطفال، من براثن تنظيم داعش الإرهابي.
[2] حسو هورمي، الطفولة المفقودة، اربيل -2017، ص 43
[3] حسو هورمي، الطفولة المفقودة، اربيل -2017، ص 117
- کاتب وصحفي وناشط مقيم في هولندا.