حسو هورمي- هولندا*
فِي الحادي والعشرين مِن شهرِ أيلول/ سبتمبر 2017، أصدر مجلس الأمن الدولي قراره المرقم (2379)، والقاضي بمحاسبة عصابات (داعش) الإرهابية عن الجرائم التي قد ترتقي إلى مستوى جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة الجماعية التي ارتكبتها في العراق.
في وسائط التواصل الاجتماعي كثر الحديث عن منشأ هذا القرار ومن كان وراء القرار وتداعيات القرار المستقبلية، فلا يخامرنا شك في أن هذه المهمة التي تبناها مجلس الأمن، جاءت كنتيجة حتمية لحجم وهول الجرائم التي ارتكتبه تنظيم داعش في العراق، فضلا عن الحراك الدولي الكبيرالذي قام به بعض الدول والمنظمات والنشطاء على كافة المستويات وضمن الاصعدة المختلفة ولايمكن نسب هذه الجهود الى جهة معينة بحد ذاتها واهمال الجهات الاخرى وليس هناك أي تمثيل رسمي وقانوني لجميع الناجيات والمختطفات في هذه الهيئة، فالقرار يعبر في واقعه الموضوعي عن شعور المنظمة الأممية بمسؤولياتها الإنسانية والأخلاقية والقانونية حيال الاقليات العراقية التي تعرضت لانتهاكات جسيمة ترقى الى الابادة الجماعية.
في الشهر الماضي الفريق الاممي زار العراق والتقي بجميع الاطياف التي تعرضت للجينوسايد والمؤسسات الحكومية في حكومتي (بغداد- اربيل) والمنظمات المعنية وسيكون لها قريبا 3 مكاتب في (بغداد وموصل واقليم كوردستان) بهدف التعاطي المباشر مع ملف القضية والاحتكاك المباشر مع الضحايا ومسرح وادوات الجريمة…الخ).
تحريك الدعوى امام محكمة جنائية وطنية؟
الواقع أن هناك أدلة متزايدة تدل على الفساد وغياب الشفافية والتعسف الذي يعاني منه نظام العدالة الجنائية في العراق. وتؤكد التقارير بأن الحكومة قد وسعت سيطرتها على النظام القضائي بشتى السبل والطرق وهذا ما قلل من ثقة المواطن بالمؤسسات القضائية ويسهل للجناة الإفلات التام من العقاب وربما تستثني المحاكمة الرؤوس الكبيرة وبالاخير فان المحكمة الوطنية لن تكون ناجحة في مسالة جبر الخواطر والضرر و التعويضات والزام الحكومة بتنفيذ العدالة الذي سيكرس السلام من خلال اليات معروفة دوليا واما الحماية والوقاية من عدم تكرار جريمة الابادة لن تجد مكان لها في نتائج هذه المحكمة المزمع انشائها والتي قد تكون جنائية مختصة للنظر في جرائم داعش المرتكبة بحق الأقليات وخاصة الايزيدية والشبك والمسيحية والتركمان والكائيين.
وقد اعتبر مركز جنيف الدولي للعدالة أنه وعلى العكس مما ورد في القرار رقم 2379، سيكون من المستحيل على هذه “المحكمة المستقلة” أن تعمل بالتعاون مع المحاكم الوطنية (في العراق) وأن تكمل التحقيقات التي تجريها السلطات العراقية. فبينما دعا المفوض السامي الحكومة العراقية إلى إنشاء هيئة خاصة للرقابة القضائية لتقديم توصيات بشأن الإصلاحات القانونية التي تساعد على الالتزام بالمعايير القانونية الواجبة ومعايير المحاكمة العادلة، أشار مركز جنيف الدولي إلى أنه من المُستبعد جدا أن تكون هذه الهيئة قادرة على تعزيز أو تغيير النظام القضائي العراقي في الوقت المناسب، بسبب الفساد القائم في النظام بأكمله.
موقف العراق من القرار
كان للعراق الاثر الكبير في اخراج القرار بهذه الصيغة حيث الالتزام الكامل بالسيادة العاقية وولايته القضائية وهدف العراق هو انهاء القضية امام المحاكم العراقية ولكن هناك الفقرة 16 من القرار تؤكد على تمديد مهمة المستشار بعد سنتين من العمل اي في نهاية 2019، كما يمكن ان يستفاد من هذه الادلة والقرائن القانونية مستقبلا.
اصدرت وزارة الخارجية، في شهر اب 2018، بيانا بخصوص مهمة فريق التحقيق الدولي في جرائم “داعش” الذي بدأ اعماله في العراق. وجاء فيها ان “وزارة الخارجية تؤكد دعمها لمهمة الفريق الدولي برئاسة كريم خان رئيس فريق التحقيق الدولي المعني بجمع وتخزين وحفظ الأدلة التي تجرّم عصابات داعش الإرهابية، تمهيدا لتقديمها للمحاكم الوطنية العراقية ومحاكمة جناة داعش لتحقيق العدالة وفق القوانين العراقية.
- کاتب وصحفي وناشط مقيم بهولندا