الحكومة التي تمارس الكذب على شعبها. لا تدرك أنها ترتكب جريمتين مدمرتين لشعب بأكمله. الجريمة الأولى، أن الشعب يفقد الثقة بحكومته، لا يصدقها، لا يحترمها، لا يثق في قضائها ولا يثق في المحاكم. أما الجريمة الثانية الأكثر خطورة، فهي أن الشعب يسلك نفس الطريق الذي سلكته الحكومة. يسير على نفس الدرب، يتحايل على القوانين، يحتال على الدولة، يبدع الأساليب والخدع والألاعيب التي تمكنه من الهروب من أداء واجبه والتزاماته تجاه الدولة. ومن ثم يكون لدينا حكومة كاذبة، وشعب محتال. وهذا ما ارتكبته عشرات الحكومات في العراق العظيم. هل تتذكرون كم مرة أعلنت الحكومة أنها لن ترفع الأسعار؟ ثم نفاجأ بعد شهر أو شهرين أو ثلاثة أشهر على الأكثر بارتفاع الأسعار. وكم مرة وعدونا بالمن والسلوى، وكم مرة بشرونا بقرب الخروج من عنق الزجاجة، وكم مرة وعدت الحكومة بقرب تحسن الأوضاع الاقتصادية؟ عشرات، مئات، آلاف المرات. ثم طارت كل الوعود في الفضاء. ثم كم مرة خدعت الحكومة الشعب وتحايلت عليه؟ مثلاً: ابتكرت الحكومة وسيلة جهنمية شيطانية للاحتيال على المواطن.
الكذب عندنا لا يحاسب عليه القانون أو الدستور. هل رأيتم وزيرا أو محافظا أو مسؤولا كبيرا تمت محاسبته أو محاكمته على ما صدر منه من أكاذيب ووعود وتصريحات لم ينفذ منها حرفاً واحداً!؟ إذا انصلح حال الحكومة انصلح حال الشعب. واذا طبقت العدالة على نفسها، من المؤكد ان المواطن سيلتزم بالقوانين وسيرضى بحكم القضاء العادل. لكن إذا كذبت الحكومة على شعبها، فماذا ينتظر أن يكون سلوك شعبها تجاه حكومته؟ حكوماتنا للاسف تسير على هذا النهج منذ سنوات طويلة. فماذا تنتظر من مواطنيها؟! من المؤكد أن البائع سيتلاعب فى الميزان، والمدرس لن يراعى ضميره فى مدرسته فيلجأ الى الدروس الخصوصية التي تمص دم أولياء الأمور، والمهندس والمقاول سيسرقان الحديد والأسمنت، والموظف سيرتشي، والطبيب سيتاجر في مرضاه ويبيعهم قطع غيار، والمواطن سيسرق الكهرباء وهو مرتاح البال، ورجال الأعمال سيتهربون من دفع الضرائب المستحقة عليهم والتجار سيحللون رفع الأسعار ومص دم الفقراء.
“أنا ومن بعدي الطوفان”، هذا هو الشعار الذى يسير عليه معظمنا بعد أن تلقنوا فنون الغش والتزوير والنصب والاحتيال والكذب. فمن يحاسب من؟ هذه المصيبة التي حلت علينا. صنعتها حكوماتنا السابقة وللأسف صارت قواعد وسنن مازلنا غارقين فى تفاصيلها، ونعاني ويلاتها و يدفع الجميع شعبا وحكومة ثمنها غاليا لها. والحل من وجهة نظري فى تحقيق العدالة وتطبيق القانون بين الجميع. الوزير قبل الفقير. والحاكم قبل المحكوم. وقتها نستطيع القول إننا وضعنا اقدامنا على بداية الطريق الصحيح.
- حقوقي
(المقالات تعبر عن رأي الکتاب ولاتعبر عن رأي موقع وجريدة روز ارتيکل)