لا اريد هنا ان اكتب مقالة عن الپرلمان او أعضائه، بل اريد فقط أن أكتب تعليقاً صغيراً عن ما يجول في خاطري عن الحالتين؛ الأعضاء بشكل عام والعضو جلال بشكل خاص، والذي يظهر بشكل أو بأخر عقلية الأحزاب السياسية والشارع الكوردي وأخص بالذكر هنا عقلية النقد الذي تحول لمهزلةٍ فكرية أو بالأحرى العقلية الذي طغت عليها الفكر او عقلية النقد الحزبي الصرف لكل من هو كردي أو يعتبر نفسه صاحب فكر متحرر مناضل و ديمقراطي حر وما لهذا الكلام الذي لم يكن يوماً ما حقيقةً بقدر ما كان غطاءاً للتحزب والكراهية والحقد المرتبط بالمنطقة والمدينة وحتى القرية والعشيرة، وأن أخر ما كان يفكر فيه هؤلاء أجمعين هو الوطن والقيم والفكر الحر او الديمقراطي او العدالة والخ من هذه التفاهات التي لم تكن يوما الهدف بل الوسيلة.
عندما نرى الپرلمان الكوردي و هو في احسن حالاته عبارةٌ عن مرتع لكل من هو ليس بسياسيٍ مقارنةً بالعالم الاوروپي وتعريف السياسي. فأغلبية الپرلمانيين ليسوا بسياسيين بل هم يتكونون من مجموعةٍ من المتملقين وأبناء رؤوساء العشائر أو من ينوب عنهم ويحمل على ظهره ختم رئيس العشيرة. وفضلاً عن هؤلاء وكحالة خاصة في الإقليم في السنوات العشر الأخيرة أصبح رجال الدين اللذين هم سبب من الأسباب الرئيسية لبلادة وتخلف هذه الأمة والشعب من أهم الأسماء التي تتصارع على كرسي الپرلمان وهم لا يعرفون معنى السياسة او الحرية او الديمقراطية بمفهومهِ الصحيح والحقيقي، بل ببغواتٌ ذات أصواتٍ خشنة تعلموا الجرئة في الكلام والوقاحة في التعبير، لا يخجلون ولا يملون من الكذب وكل يوم في حضن احدهم ينامون وفي سرير الاخر يأكلون، وها هم اليوم يمثلون الشعب الذي يحتاج من يخلصهُ من ايدي هؤلاء أنفسهم، فهنيئاً لكم المآدنة الجديدة.
والحالةُ الأخرى النشاذ جداً في عالم الپرلمان والسياسة في الإقليم هم أصحاب فن الكذب والتلفيق وأكثر فئة تحب وتمتهن التملق، الإعلاميين. لقد أصبح هذه الحالة مشكلةً حقاً في كوردستان، فلا يهم معدن أو ثقافة أي الشخص، المهم بأن الناس تعرفه وهناك العشرات او الآلاف الذين يتابعونه لانه يعمل كمراسل او صحفي او مقدم برامج على القناة الفلانية أو الإذاعة الفلانية. وكلنا نعرف بأن هؤلاء هم اسوء اختيار لمثل هذا المنصب لانهم يتقنون فناً واحداً وهو فن الكلام والنقد والنفاق والتلفيق، ولا يملون ولا يكلون منه، ولكنهم بعيدون كل البعد من أن نطلق عليهم سياسيين حسب المفهوم الحقيقي والصحيح لكلمة سياسي الذي شوهه الشرق وأصبح مرادفاً أو جامعاً لعدة كلمات ومهنٍ معاً مثل الحرامي والمرتشي والتاجر الدنئ ورجل الدين والإعلامي الذي باع قلمه واشترى به التملق أو الخيانة او كل ما هو قومي ووطني وجميل..
المهم هنا ليست الأحزاب التي تختار هؤلاء بل الشعب الذي ينتخب هؤلاء، وهو يعرف حقيقتهم وما هم عليه وما سيكونون عليه في المستقبل. لذلك أؤمن بمقولة وأظل أردده دائماً وكل يومٍ يمضي أصبح أكثر إصراراً عليهِ، الشعب هو من يتحمل كل ما يحدث لهُ منذ اليوم الأول وحتى اليوم وما هؤلاء الأحزاب إلا خير ممثلٍ عن هذا الشعب. وكلي قناعةٌ بأن هذا الشعب كان لينتخب بعض هؤلاء الحثالة رجالاً ونساءاً ممن نراهم وهم يملئون صفحات التواصل الاجتماعي بتفاهاتهم وقلةِ أدبهم أو رخص فكرهم من أمثال أبو… والناطقة باسم حقوق المرأة… والناطق باسم السحاقيين أو القوادين أو … عذرا ولكن هذه هي الحقيقة.
أما جلال پريشان هذا الشخص لا اعرفه ولكن سمعت باسمه في أكثر من مناسبة، وخاصةً اليوم فقد أنقلبت صفات التواصل الاجتماعي مرة واحدة لصورة هذا الشخص وهو يركب دراجةً متوجهاً لمبنى الپرلمان. و ٩٩ بالمائة ممن كتبوا أو علقوا عليه وعلى ما فعله كان سلبياً بين الإهانات الشخصية والسب واهتامه بالتملق أو التعرض لشخصيته والخ. أنا كما قلت لا اعرف هذا الشخص ولا اريد ان أدافع عنه أو اهاجمهُ، أذمهُ أو أمدحهُ، بقدر ما أريد التحدث عن الحالة لوحدها وعقلية اللذين هاجموه وهل كان سيتغير هذا النقد لو كان من قام بهذا هو متملق من أهالي السليمانية او دهوك او هل هو من حزب البارزاني أو من حزب اخر معارض.
فبدلاً من أن نمدح ما قام به دون محاولة قرائة أفكاره أو الحكم على نيته وما هو الغرض من ورائه، فلا احد يعلم السبب ولكننا نرى الحالة والتي هي حالة صحية بامتياز وخطوة جميلة يحسب له وليس عليه، خطوةٌ استطاعت ان تعري التيار الذي انتقده، فهم حاولوا كما يفعلون دائماً النقد والإساءة فقط بسبب الحقد والانتماء الحزبي و العنصرية المرتبطة بالمدينة والمنطقة دون النظر لجمال الحالة وصحيته. وبالنسبة للعالم المتحضر فهو لم يفعل شيئا لان السياسيين والوزراء كثيرا ما ترونهم وهم يذهبون للدوام على الدراجة، ولكن في كوردستان فان الخطوة هي بمثابة ثورة. وأكثر ما أزعجني في كل هذه المسالة هو إن اكثر ممن نقدوا وأهانوا هذا الشخص بسبب فعلته الجميلة، هم ممن يعيشون في أوروپا ويعتبرون أنفسهم من المتقدمين والمعارضين وأصحاب الفكر المتنور. هنيئاً لجلال فعلته بغض النظر عن ماهيته أو شخصيته، وهنيئاً لمن يعتقدون أنهم من أصحاب الفكر الحر والمتقدم، ظهور حقيقة صراخهم وآلامهم وزيف وطنيتهم ونضالهم.