الآن نحن الكورد جميعا نتأمل الوضع المزري لغرب كوردستان (روژآفا)، بما هو عليه من تصعيدات عسكرية من دول عظمى. فهل هذه مطامع مادية وجغرافية أم أنها ساحة لإظهار قوة سلاح كل دولة على حدا. فمثلا نرى بأن الدولة التركية تجاوزت الكثير من الخطوط الحمراء للقانون الدولي ومعاهدة حلف شمال الأطلسي، بعدم الإيذاء والضرر بحق المدنيين. لاسيما أن تركيا تخطت الکثير من تلك الخطوط الحمراء منذ أول هجوم لها على مدينة عفرين الكوردية ذات الأصالة والتاريخ، ضمن صمت دولي بشكل عام. ودولة أوروبية وهي النرويج بدأت المناورات العسكرية للدول المنضمة لحلف شمال الأطلسي وإظهار قوة السلاح علنا.
الجدير بالذكر أن معظم قوى هذه الدول موجودة في شمال سوريا، أي في غرب كوردستان (روژ آفا). ومنذ عدة أسابيع لم تطلق أية رصاصة نحو مسلحي داعش الإرهابي، المتواجدين في الجزء السفلي من مدينة دير الزور وعلى حدود العراق. وإجبار القوة الكوردية المتواجدة هناك بالحرب الشرسة ضد داعش الإرهابي على طول الحدود العراقية، وحماية حقول النفط التي أستولت عليها الولايات المتحدة الأمريكية. ومن جانب آخر روسيا وتركيا وألمانيا وفرنسا تتفق على تنازلات من الحكومة السورية لعدة مدن، كما فعلت بمدينة عفرين. والآن منبج وغدا شرق الفرات، لنعلم جيداً ماتقصده تركيا بشرق الفرات. والهدف الرئيسي لتركيا هو الإستيلاء على مدن الكورد، وإعادتها إلى هيمنة الدولة التركية بشكل استراتيجي، بالإتفاق مع الدول المذكورة والقضاء على القوات الكوردية (قسد) وغيرها المتواجدة هناك. والمزعج في هذا الوقت العصيب لنا ككورد، الصمت الذي يعم المجتمع الدولي وحتى حلفاء الكورد أيضا، بإشعال الضوء الأخضر لتركيا بالتقدم والتوسع داخل المدن والمناطق الكوردية.
تركيا تنوي التقدم حتى مدينة كركوك الكوردية، وليس بشرق الفرات فحسب. وتقدمها ونجاحها ظهر بهؤلاء المسلحين الإرهابيين وما يسمون بجبهة النصرة وأحرار الشام، التي ترتكب أفظع الجرائم بحق المدنيين الكورد في مدينة عفرين وماحولها إلى هذه اللحظة. وفي الآونة الأخيرة توقفت القوات الكوردية (قسد) عن عملياتها العسكرية ضد داعش، بسبب الصمت الدولي لما تفعله تركيا من إرهاب وتعدي على حقوق شعب أعزل. والتحالف الدولي لم يتحرك منذ فترة بقصف أو ضرب مواقع داعش، والتي كانت وبقيت عدة كيلومترات وتتحرر تلك المنطقة من الإرهاب. لكن الولايات المتحدة الأمريكية لم يعجبها الوضع، فأتت بدواعش الجنوب السوري والقت بهم على الحدود السورية العراقية، بواسطة روسيا والجيش السوري. لتنتعش من جديد وتبدأ الهجوم على المدن الكوردية وإنشغال الكورد بداعش وتركيا تتصرف كما تريد ويحلو لها.
لكن طبول الحرب بدأت تقرع وصوتها اتي من بعيد. وفي المرحلة القادمة سنرى تحالفات قوى ضد غيرها. وهذه الحرب ستكون شرسة مابين قوى عظمى ومن بينها روسيا ضد تركيا. والجميع يعلم أن القبضة الحديدية الآن هي بيد تركيا، لكن دول الغرب لن يعجبهم ذلك الوضع وستتغير المعادلات قريبا لتنقلب ضد بعضها البعض. والدولتان أعداء في الباطن تركيا و روسيا. لذلك هذه علامات غير مفهومة من بعض الدول الغربية ومنها الولايات المتحدة الأمريكية التي قطعت وعدا للكورد بإنشاء كيان كوردي قوي في المنطقة. أي بمعنى دولة كوردية تشمل القسم الكوردي في العراق وإلصاقها بالقسم الكوردي في سوريا والميزانية الكوردية في الدولتين ستظهر في سنة 2019. الجهود التي قدمتها القوات الكوردية من كلا الطرفين في العراق وسوريا ليست في هوامش الحروب وإنما هناك معاهدات وإتفاقات سيرت بالمعنى الحقيقي وهي فاتورة الدم والأرض.
- ضابط لدى قوات البيشمرگة (لشكرى روچ)
(المقالات تعبر عن رأي الکتاب ولاتعبر عن رأي موقع او جريدة روز ارتيکل)