يا صَعاليكْ السِـــياسَة، كونوا سِياسِيينْ ولَوْ لِمَرَةٍ واحدة!!

إنني أعلم عِلمَ اليقين، بأن الكلمات أو الصرخات ما عادت تنفع، فليس هناك من يقرآ وليس هناك من يسمع، طالما لم تكن الكلمات مدحاً أو الأصوات شُكراً. وطالما لم يكن قائلهُ خدماً من خُدام البيتِ، أو حقيراً أو غبياً أو جحشاً أو أضحوكة من أضحوكات صفحات التواصل الاجتماعي، أو بائعةَ هوى تخاطب العين بالعريِ وتدخلُ العقلَ بأخبار الجنسِ… وبين هؤلاء وتلكُمُ أصبحَ الوطنُ والقوميةُ والمصلحةُ العامةُ والعقلُ والعِلمُ والتحضرُ والثقافةُ ووو في خَبَرِ كانَ.

ومعَ هذا مازالَ أمثالي يعتقدونَ بإنَ هناكَ أملٌ في أُمَةٍ يحكمها أسوءُ خُلقهِ ويمدحهـُم ويتملقُ لَهُم ربعُهم ويصفقُ لهُم نصفهـُم ويُحاولُ الباقي كي يصبحَ مثلُهُم. ومعَ هذا سأكتبُ رجائي، لعلَ وعسى أن يقرأه يوماً أسوء الخُلقِ، ويرى فيها مَصلحةً أو سبباً كي يَكون سياسياً ولَوْ لِمرةٍ واحدة.
……
لقد راودتني فكرة كتابة مقالٍ عن هذا الموضوع منذُ زمنٍ بعيد، ولكنْ ما كنا نراهُ ونسمعهُ من شِلَةِ أسوء الخُلقِ والمداحين والمتملقين وأصحاب التصفيق، لم تكن تشجعُ على الكتابةِ في هذا الموضوع بالمرة.

وفي الاونةِ الأخيرة وبسبب إمتحان للمترجمين الكورد باللغة النرويجية رأيتُ حجم الكارثةِ التي نعيشُ فيها. فنحنُ في هذه السنوات الكثيرة لم نستطيع أن نقوم بأبسط وأهمِ خطوةٍ كشعب أو حكومة، وهو محاولة توحيد أو إيجاد لغة مُوحدة للكورد، أو حتى لِجنةً لغوية كوردية لمواكبة التطور اللغوي في العالم، وإيجاد لغة مشتركة توحدُ الكورد أو تجعلهُم يفهمونَ بَعضهُم البَعض. فمِن أجلِ ترجمةِ كلمةٍ واحدة من اللغةِ النرويجية أو الانگليزية احتجنا لأكثر من ثلاثين دقيقة متواصلة، ولم نصل لكلمةٍ مشتركةٍ ترضي جميع الأطراف، وهناك كلمات تحتاج لساعاتٍ من المناقشة ولن تجد لها مرادفاً في الكوردية. ورغم هذا ترى الكثير من الاغبياء على شاشات التلفزيون يتحدث عن إنجازات حكوماتنا التافهة، ولا يعرف بأنه يتحدث وفي نفس الوقت هناك ٦٠ أو ٧٠ بالمائة من أبناء جلدته لا يفهمون ٤ كلماتٍ من حديثهِ الماسخ لساعات.

ورغم كل هذا رأيتُ الكثير من الذين يسمونَ أنفسهم مثقفين أو لغويين أو سياسيين يحاربون هذه الفكرة، فكرة إيجاد لغة موحدة أو لغة تفاهم مشتركة، بكل ما أتوا من قوة وسلطة، وكل ذلك بسبب غبائهم وعدم فهمهم لمفهوم اللغة الموحدة، أو بسبب عنصريتهم وحقدهم على بعضهم البعض، أو لأسباب سياسية وحزبية حقيرة.

فهؤلاء لا يناقشون كيفية إيجاد لغة مشتركة، بقدر ما يناقشونَ ويدافعون عن لهجةٍ معينة بحد ذاتها ويسخرون من اللهجات الأخرى. وهُمْ لا يعرفون بأن الكورد اصبحوا أضحوكة الأُمم الاورپية بسبب هؤلاء الحَمير اللذين يسمونَ أنفسهم خبراء في اللغة. ولا يعرفون بأن العالمَ لا يعترفُ باللغةِ الكورديةِ بكلِ لهجاتهِ ولا يعتبرها مؤهلةً كي تضعها كلُغةٍ في سجلات اللغات الأخرى، وحتى لا تقارنها بأفقر لغات العالم، ليس لنقصٍ في الكوردية كلغة ولكن بسبب الناقصين اللذين يمثلون هذه اللغة. فلا تضحكوا على لهجاتِ بعضِكُم البَعض، لأن العالمَ بأسرهِ يضحكُ على الكُلِ معاً. وما يوجد من إنجازات لهذه اللغة بكلِ لهجاتهِ فهو بفضلِ بعض الأشخاص القلائل المحبينَ لهذه اللغة والقومية.

والمشكلةُ هنا بأن اللذين يتحدثون عن هذه المشكلة لا يعرفونَ بأن إيجاد لغة مشتركة لا يَعني البتةَ دَفْن أو إلغاء اللهجات، فاللهجات باقيةٌ لا تموت إلا بفناء أهلهِ واللغةُ المشتركةُ الموحدة ستكون لغة الكتابة والتعليم والتفاهم بين أبناء القومية الواحدة من مشرقهِ لمغربهِ وشمالهِ لجنوبهْ، كما نرى ذلك جَلياً عند جميع أو أغلب دول العالم. فمثلاً لا حصراً، أنظر الدول العربية، فكل دولةٍ لها لهجتها الخاصة وعشرات اللهجات المحلية الأخرى، ولكن تظلُ اللغة الفصحى توحدُ المشرق والمغرب العربي وتجعلهم يتفاهمون مع بعضهم البعض كأنهم أبناء أرضٍ واحدة. وهناك أمثلة لا تعد ولا تحصى عن هذا الموضوع.

وكي لا أُطَوِلَ كثيراً، أتمنى أن يصلَ هذا الكلام ليدِ أحد الشرفاء الجُدد اللذين دخلوا الپرلمان كي يحارب في ذلك المكان كي يصبح إيجاد لغةٍ مشتركةٍ للكورد هدفاً وعملاً مُقدساً يجمعُ أطفالنا والأجيال القادمة، كي لا يتحدثوا العربية او الفارسية او التركية أو الانگليزية أو ايةَ لُغةٍ أُخرى مع بعضهم البعض، فقط لأنَهم يتحدثونَ لَهَجاتٍ مُختَلِفة. أو يكتب أحدهُم كما أفعلُ الان بالكتابةَ عن اللغةِ الكوردية أو الوضع الكوردي باللغةِ العربية كي يفهمهُ أو يقرأهُ أكبرَ عددٍ مُمكن من الأصدقاء. لأن الكتابة بأحدى اللهجات الكوردية ستجعلُ قرائتهُ حِكراً على المتحدثينَ بتلكَ اللهجةِ فقط، ما عدا القِلةِ القليلة من الطرفينْ. وهناك الآلافُ من الكورد أباً وأُماً ممن يطالبون بمترجمٍ عربي أو فارسيٍ أو تُركيٍ لانهُمْ لا يفهمون أو يتحدثون الكرمانجية أو السورانية أو البادينيةَ أو ألى اخره من اللهجات، وهذا ما رأيناهُ وعايشناه ومازلنا نتعايشهُ يومياً.

Leave a Comment

پۆستی ئەلیکترۆنییەکەت بڵاوناکرێتەوە. خانە پێویستەکان دەستنیشانکراون بە *

Scroll to Top