مارگريت جورج و يأجوج و مأجوج*

قبل عدة أشهر قمنا بزيارة قبر مارگريت جورج في قرية دوري بمنطقة برواري بالا. وکان قد تم ترميمه قبل أيام ونحن کنا اول الزائرين بعد الترميم. مارگريت کانت اول إمرأة پيشمرگة وأول إمرأة شهيدة في صفوف الپيشمرگة والتي إستشهدت قبل حوالي نصف قرن في ٢٦ کانون الاول ١٩٦٩. بعد زيارة القبر نزلنا الی بيت إحدی “عماتنا” في نفس القرية وعندما جری الحديث عن الشهيدة، هزرت “العمة” برأسها وتنفست بحزن وقالت “اغتالوها أثناء النوم!”. ومن هناك ذهبنا لزيارة أحد الأساتذة القدامی في قرية شمايلا في نفس المنطقة. وإستقبلنا من قبل الأستاذ وضيف معه في حديقته منزله الصغيرة حيث شد الضيف الغريب علی يد والدي بحرارة و قال “أعرف أنك لا تعرفني! ولکنني أعرفك وأتذکر أنه قبل أکثر من خمسين سنة دافعت عنا کثيرا لکي لا يعتدي علينا البعض!”

هاتين القرتين يسکنها الاخوة المسيحيون وکان قد إنضم عدد غير قليل من شبابهم وخاصة من قرية دوري الی صفوف پيشمرگة ثورة أيلول. وبحسب معلوماتي فإن أول شهيد وأول شهيدة کانوا من أهالي تلك القرية. ولکن بعد حادثة إستشهاد مارگريت جورج فإن الأوضاع تغيرت کثيرا والشيء الذي يمکننا ملاحظته الآن هو أن حماس عهد الثورة وشعور الإنتماء الی کوردستان أصبحا ضعيفا، هشا ومعدوما بل وأسوأ. فعلی سبيل المثال حاليا الکثير من “مسيحيي” المنطقة وهم أبناء وبنات وأولاد عم وبنات عم وأقرباء ومعارف “مارگريت جورج” لا يسمحون لپيشمرگة مسلم أن يبني له بيتا في ناحية کاني ماسي!

قبل سنوات سألت إحدی أخوات مارگريت عن هوية الذين اغتالوا أختها، فردت قائلة: “الإرهابيين”. ثم وجهت السؤال لأحد مسؤولي الثورة الکبار وأخبرته عن جواب أخت الشهيدة، فکان له نفس الرأي حيث قال: “أخت الشهيدة أعطتك الجواب الأصح.. إغتالها الإرهابيون!”. الحقيقة أنا لا أعرف هؤلاء “الإرهابيين” وماذا حل بهم! ولکن الذي أعرفه هو أن “الإرهابيين” بفعلتهم هذه لم يکن مبتغاهم قتل عنصر من الپيشمرگة، بل أن هدفهم کان قبل کل شيء إغتيال إمرأة لإخافة بقية النساء وتحذيرهم من مغبة الإقتياد بالشهيدة، ثم إغتيال الحرية في روح تلك المرأة لکي لاتفکر إي إمرأة اخری بالقيام بنفس العمل وأخيرا کان هدفهم قتل التعايش الذي کان نهج أهل الوطن.

مع الأسف ما زال أمثال هؤلاء “الارهابيين” يعيشون بيننا وتتاح لهم الفرص لکي ينشطوا. لهذا السبب مازال إغتيال أخوات مارگريت والحرية والتعايش مستمرا في وطننا. فبالأمس إستطاعوا أن يفصلوا قسما کبيرا من المسيحيين عن المجتمع الکوردستاني ويزرعوا التفرقة بين (سوران وبهدينان). واليوم أيضا أبعدوا قسما کبيرا من الإيزيديين، وإذا ضل الطريق مفتوحا أمامهم ووجدوا فرصتهم فإنهم بلا شك سيتوغلون أکثر في أعماق المجتمع ويبنون أسوارا کونکريتية عالية بين طبقاته. لأن هؤلاء هدامون ومهمتهم منذ الأزل هو التخريب. لذلك يجب علی القيادة (وهي حاليا حکومة کوردستان) العمل علی إزالة هؤلاء أو علی الأقل حصرهم في زاوية بحيث لا يمکنهم الحرکة! کما في قصة الملك (ذو القرنين) الذي حصر قوم (يأجوج ومأجوج) الهمجي والمتعطش للدماء بردمهم تحت الارض وإبعاد شرهم عن البلاد والعباد. لأنه علی النقيض من ذلك فإنه بإعتقادي القادم سيکون أسوأ!

  • (المقال منشور باللغة الکوردية في الموقع بتاريخ ٢٧ کانون الأول ٢٠١٨)
ضريح الشهيدة مارگريت جورج (١٩٤٢-١٩٦٩)

Leave a Comment

پۆستی ئەلیکترۆنییەکەت بڵاوناکرێتەوە. خانە پێویستەکان دەستنیشانکراون بە *

Scroll to Top